من المتحف الكبير إلى المستقبل: كيف جسد المشهد الرئاسي قيمة المرأة في الجمهورية الجديدة
بقلم / حمادة ربيع أبو أذدحمد
بينما تفتتح مصر صرحها الحضاري الأضخم، المتحف المصري الكبير (GEM)، الذي يمثل جسراً فريداً يربط عظمة الماضي بطموحات المستقبل، لم تكن كنوز الملك الذهبي "توت عنخ آمون" هي الوحيدة التي لفتت الأنظار. ففي عمق المشهد الرسمي المتوقع للافتتاح، تبرز رسالة اجتماعية وسياسية بالغة الوضوح تتعلق بـ مكانة المرأة المصرية وشراكتها الفعالة في بناء هذا المستقبل.
لقد شكل حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جانب السيدة انتصار السيسي في واجهة المشهد في حدث قومي بهذا الحجم، نموذجاً مرئياً يدعم رسالة الدولة المتنامية حول التمكين الفعال للمرأة.
فالصورة في هذا السياق، تتجاوز حدود البروتوكول الرسمي لتصبح إقراراً صريحاً بأن شريك الرجل في الحياة هو شريكه الكامل في المشهد الوطني وفي عملية التنمية الشاملة.
دعمٌ في واجهة الحدث
إن اختيار هذا الحدث التاريخي، الذي يمثل واجهة مصر أمام العالم، ليكون مناسبة لتأكيد الشراكة الرئاسية في الحضور، يخدم هدفاً أعمق: وهو توجيه رسالة غير مشفرة بأن الدولة المصرية، وهي تعيد اكتشاف عظمتها التاريخية، تعيد أيضاً ترسيم دور المرأة ليكون في الصدارة. هذا التأكيد البصري يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، التي تهدف إلى تعزيز مشاركتها في كافة القطاعات.
هذا المشهد، المدعوم بالحقائق، يأتي ليجد أساسه في تحول حقيقي وملموس تشهده مواقع اتخاذ القرار في الدولة المصرية. لقد شهدت الأعوام الماضية بالفعل قفزات نوعية في تمثيل المرأة، مدفوعة بقرار سياسي واضح:
• في المناصب القيادية والتنفيذية:
• ارتفع عدد الوزيرات، وتشغل المرأة المصرية مناصب نائبات للوزراء والمحافظين، وتولت قيادة هيئات ومؤسسات هامة، وهو ما لم يكن مألوفاً بنفس الوتيرة في عقود سابقة.
• في السلطة القضائية:
• سُجلت سابقة تاريخية بتعيين المرأة في مجلس الدولة والنيابة العامة، وهي خطوة طال انتظارها وتؤكد مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة العليا.
• في البرلمان:
• ساهم التعديل الدستوري والتشريعي في ضمان كوتا لتمثيل المرأة، مما عزز حضورها كصوت فاعل في صياغة القوانين والرقابة.
المرأة... القوة الدافعة للتنمية
لا يقتصر الأمر على التمثيل السياسي والإداري، بل يمتد إلى إدراك الدولة بأن التمكين الاقتصادي للمرأة هو حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة. لذا، تتجه البرامج القومية، مثل مبادرة "حياة كريمة"، إلى دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي تقودها المرأة في الريف والحضر، مما يعزز استقلاليتها المالية ويرفع مستوى معيشة الأسرة.
إن تزامن افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يستعرض عظمة حضارة وضعت المرأة في قمة السلطة والدين، مع المشهد السياسي الحالي، يمثل دليلاً على أن مصر لا تكتفي باستلهام دروس الماضي، بل تترجم هذه الدروس إلى واقع معاصر.
في الختام، يمثل الظهور في واجهة الحدث الأبرز رسالة عميقة: أن بناء "الجمهورية الجديدة" يتطلب الاستثمار الكامل في كل طاقات الشعب المصري، وأن المرأة لم تعد هامشاً في معادلة التنمية، بل هي مكون أساسي وشريك أصيل في كتابة الفصل القادم من تاريخ مصر.
