الشرق الأوسط: دوامة الصراع تتسع.. تداعيات جيوسياسية واقتصادية تلوح في الأفق
الثلاثاء 24-6-2025 | بقلم : حماده ربيع أبو أذدحمد |
● تشهد منطقة الشرق الأوسط في الأيام الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق، حيث يرتفع منسوب التوتر بين إسرائيل وإيران إلى مستويات خطيرة تنذر بعواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي والعالمي. تتشابك خيوط الأزمة لتشكل مشهدًا معقدًا يمتد تأثيره من ساحات المعارك إلى الأسواق المالية العالمية.
إسرائيل وإيران: دوامة التصعيد المستمرة
لليوم الحادي عشر على التوالي، تشتعل المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، في تصعيد غير مسبوق يهدد بجر المنطقة إلى حرب أوسع. لم تعد الضربات تقتصر على حرب الظل، بل تحولت إلى مواجهة مفتوحة:
* الضربات المتبادلة: أعلنت إيران عن عملية "بشارة الفتح" التي استهدفت قواعد أمريكية في قطر والعراق، مع تأكيدات إعلامية إسرائيلية عن إطلاق صواريخ على قواعد أمريكية في قطر وسماع دوي انفجارات في الدوحة. في المقابل، تواصل إسرائيل استهداف مقرات قيادة ومصالح تابعة للحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك سجن إيفين الشهير في طهران، في إطار ما تصفه بـ"الردع".
* خسائر وتداعيات: تسببت الضربات المتبادلة في أضرار مادية كبيرة. ذكرت تقارير إسرائيلية أن محطة كهرباء أسدود تعرضت لدمار هائل، مما أدى لانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل. وفي المقابل، تفيد تقارير (نقلاً عن مصادر أمريكية) بإصابة عشرات الأشخاص في إسرائيل وتدمير مبانٍ. هذا التصعيد أثر أيضًا على حركة الملاحة الجوية في المنطقة، مما دفع قطر لإعلان إيقاف مؤقت لحركة الطيران، رغم تأكيدها على أمان أجوائها.
* حرب الجواسيس والمعلومات المضللة: تترافق العمليات العسكرية مع حرب معلومات وجواسيس شرسة، حيث تتهم الأطراف بعضها البعض بالتجسس والتخريب، وتنتشر الأخبار حول اعتقالات وإعدامات.
تحذيرات دولية ومخاوف اقتصادية
الصراع الحالي يثير قلقًا دوليًا واسعًا، مع دعوات متزايدة لخفض التصعيد:
* دعوات للتهدئة: دعت قوى دولية كـالصين، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي إلى التهدئة وضبط النفس لتجنب كارثة إقليمية.
* مضيق هرمز: تزايدت المخاوف من تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، الشريان الحيوي لشحن النفط العالمي، وهو ما حذرت منه بريطانيا والولايات المتحدة باعتباره سيشعل أزمة اقتصادية عالمية غير مسبوقة.
* الآثار الاقتصادية: الأسواق المالية الإقليمية والدولية تتفاعل سلبًا مع هذا التصعيد. فقد كبدت الهجمات الصاروخية الإيرانية أسواق الخليج خسائر بمليارات الدولارات، وارتفعت أسعار النفط العالمية في ظل حالة عدم اليقين.
الشرق الأوسط: إلى أين؟ تحليل لمستقبل غامض
في ظل هذا التصعيد غير المسبوق، يطرح السؤال الأهم: ما هو المصير الذي ينتظر الشرق الأوسط؟ يبدو أن المنطقة تقف على مفترق طرق حرج، حيث تتجاذبها عدة سيناريوهات محتملة، لا يبدو أي منها مبشرًا بالاستقرار على المدى القريب:
* تصعيد متدحرج: السيناريو الأكثر قلقًا هو استمرار دوامة الردود الانتقامية التي قد تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. هذا قد يشمل دولًا أخرى في الصراع، ويؤثر بشكل كارثي على البنية التحتية، ويخلق موجات نزوح جديدة، ويدفع بأسعار الطاقة العالمية إلى مستويات غير مسبوقة.
* احتواء هش: قد تنجح الجهود الدبلوماسية الدولية في فرض نوع من الهدنة أو التهدئة المؤقتة، لكنها ستكون غالبًا "سلامًا مسلحًا". هذا الوضع سيبقي المنطقة على صفيح ساخن، مع استمرار المناوشات وحرب الظل، تاركًا الباب مفتوحًا لتجدد الصعيد في أي لحظة.
* تغير في التحالفات: الضغوط الحالية قد تدفع بعض القوى الإقليمية إلى إعادة تقييم تحالفاتها، مما قد يعيد تشكيل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة. قد نشهد تقاربًا بين أطراف كانت متباعدة، أو تباعدًا بين حلفاء تقليديين، كل ذلك في محاولة لضمان الأمن والمصالح الذاتية في بيئة إقليمية مضطربة.
إن المشهد الراهن في الشرق الأوسط يؤكد أن المنطقة على مفترق طرق. وبينما تتصاعد حدة التوتر بين القوى الإقليمية، تترقب عواصم العالم ما ستؤول إليه الأمور، مع تزايد الدعوات للتهدئة والبحث عن حلول دبلوماسية لتجنب تداعيات قد تكون كارثية على الجميع.
* الشرق الأوسط:
Tags
مقالات