اضطراب الملاحة الجوية والبحرية: المنطقة في عين العاصفة
الثلاثاء 24-6-2025 | بقلم : حماده ربيع أبو أذدحمد |
●تشهد الملاحة الجوية والبحرية في منطقة الشرق الأوسط اضطرابًا كبيرًا وتحديات غير مسبوقة، وذلك بالتوازي مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين القوى الإقليمية والدولية. فمع كل تصعيد جديد، تتعرض حركة الطيران والشحن البحري لتهديدات مباشرة وغير مباشرة، مما يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي ويضيف المزيد من التعقيد إلى المشهد المتوتر بالفعل.
سماء متوترة: إغلاقات وتغيير مسارات
شهدت حركة الملاحة الجوية مؤخرًا قرارات مفاجئة بإغلاق المجالات الجوية وتغيير مسارات الرحلات، وذلك استجابة للتطورات الأمنية المتسارعة. فعلى سبيل المثال، قامت قطر بإيقاف حركة الملاحة الجوية مؤقتًا في أجوائها كإجراء احترازي بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على قاعدة "العديد" الأمريكية على أراضيها. هذا الإجراء، وإن كان مؤقتًا، إلا أنه يعكس حجم القلق والتأهب في المنطقة.
ولم تكن قطر وحدها، فـالإمارات العربية المتحدة أيضًا أعلنت عن تحويل مسارات رحلات "الاتحاد للطيران" لتجنب مناطق التوتر وامتثالًا لقيود المجال الجوي. وفي مصر، قررت مصر للطيران إلغاء رحلاتها إلى مدن الخليج العربي لحين استقرار الأوضاع، وهو ما يؤكد على اتساع رقعة التأثير وتأثر الحركة الجوية في المنطقة بأكملها.
هذه الإجراءات، وإن كانت ضرورية لضمان سلامة الركاب والطائرات، إلا أنها تتسبب في خسائر اقتصادية فادحة لشركات الطيران والمطارات، بالإضافة إلى تعطيل حركة التجارة والسياحة التي تعتمد بشكل كبير على الملاحة الجوية السلسة.
مضيق هرمز: شريان النفط تحت التهديد
لا يقل الوضع في الملاحة البحرية خطورة، فـمضيق هرمز، الذي يعد أحد أهم الممرات المائية في العالم ويمر عبره جزء كبير من إمدادات النفط العالمية، يواجه تهديدات متزايدة. مع تزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع، تراجع عدد السفن العابرة للمضيق، وهو مؤشر خطير ينذر بتداعيات كارثية على أسواق الطاقة العالمية في حال إغلاقه أو تعرضه لأي تعطيل كبير.
تاريخيًا، كان مضيق هرمز نقطة ساخنة للتوترات، وأي تهديد للملاحة فيه يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، مما يؤثر على الاقتصادات حول العالم ويعقد جهود التعافي الاقتصادي بعد التحديات العالمية الأخيرة. وتكمن خطورة الوضع الحالي في أن أي اشتباك بحري في هذه المنطقة الحيوية قد يؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية بشكل غير مسبوق.
تداعيات واسعة النطاق
إن اضطراب الملاحة الجوية والبحرية في المنطقة له تداعيات واسعة النطاق تتجاوز شركات النقل لتشمل الاقتصاد العالمي برمته، فـ:
* ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين: تزداد أقساط التأمين على السفن والطائرات التي تمر عبر مناطق التوتر، مما يرفع من تكاليف الشحن وينعكس على أسعار السلع الاستهلاكية.
* تأثير على التجارة العالمية: يؤدي التأخير في الشحن وتغيير المسارات إلى تعطيل سلاسل الإمداد، مما يؤثر على حجم التجارة العالمية وكفاءتها.
* تراجع الثقة في المنطقة: ينظر المستثمرون والشركات بحذر إلى المنطقة، مما قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات وتأثر قطاعات مثل السياحة.
في ظل هذه الظروف، تبقى الأنظار متجهة نحو التطورات الجيوسياسية، على أمل أن تسود الحكمة وتتغلب الجهود الدبلوماسية لتهدئة الأوضاع وتجنب انزلاق المنطقة نحو صراع أوسع، والذي ستكون الملاحة الجوية والبحرية من أوائل ضحاياه