مناجاة أدبية تنتقل من الأحساء إلى المدينة: حوارٌ يلامس قضايا العصر بلغة التراث وعمق الهوية
في حوارٍ أدبي نادر، يشبه امتداد القصائد العربية الأصيلة، يدعونا الشاعر حسان الطيار من المدينة المنورة إلى عالمٍ حيث تكون الكلمات جسراً بين الأجيال. من خلال مجاراة شعرية عميقة مع القصيدة النبيلة للشاعرة الأحسائية أم مصعب ليلى العصفور، ينسج الطيار لوحةً من المشاعر والأفكار التي تتراوح بين الحنين إلى الماضي والحيرة إزاء تحولات الحاضر.
*مجاراة شعرية بين أم مصعب الأحسائية، و(الطيار) المديني:*
*🖌️قالت الشاعرة السعودية الأحسائية أم مصعب ليلى العصفور:*
أَسَفي عَلىٰ بِنْتِ الكِرامِ أَراهَا
بِلِباسِ فاسِقَةٍ تَتيهُ خُطاهَا
ما لي أَراها تَقتَدي بِخَليعَةٍ
وَتَذوبُ في أَفكارِها وَرُؤاهَا
باتَت تَظُنُّ العُريَّ يَرفَعُ قَدرَها
يَحكي ثَقاتَفَتَها لِمَن يَلقاهَا
في نِصفِ مِترٍ أَقبَلَتْ وَكَأَنَّها
بِنتُ الكُهُوفِ بِفَقرِها وَعَناهَا
أَتُرىٰ المَصانِعُ أَقفَلَت أَبوابَها
أَم أَنَّ سِعرَ المِترِ قَد أَعياهَا؟
أَم هَكذا شاءَتْ شَياطينُ الهَوىٰ
فَتَفَنَّنَت في نَزعِ ثَوبِ حَياهَا
وَيَكادُ يَقتُلُني الشُعورُ بِأَنَّنا
مُسِحَت هَوِيَّتُنا وَضاعَ سَناهَا
ما إِنْ بُيوتُ الغَربِ تُطلِقُ صَيحَةً
إِلّا وَبِنتُ المُسلِمينَ وَراهَا!
يا بِنْتَ خَيرِ النّاسِ أَنتِ عَلِيَّةٌ
هَل يَتْبِعِ الأَعلَى خُطا أَدناهَا؟
أَنَسيتِ وَالقُرآنُ يُتلىٰ أَنَّ مَن
يَتَّبِعِ الأَهواءَ يَعصي اللهَ!
في قَلبِ أُمُّكِ مِن لِباسِكِ غُصَّةٌ
ذَبَلَت لِكَثرَةِ ما بَكَت عَيناهَا
وَأَبوكِ لَو يَدري لَماتَ فُجاءَةً
يُنهى النِساءَ وَبِنتُهُ يَنسَاهَا!
زِيدي جَمالَكِ يا أُخَيَّةُ بِالتُقىٰ
قَد أَفلَحَت مَن [ثَوبُها] تَقواهَا
وَتَشَبَّهِي بِالصالحاتِ لِتَنعَمِي
بِالأَمنِ في الدُنيا وَفي أُخراهَا
*🖌️فرد عليها الشاعر السعودي المديني حسان الطيار مجارياً أبياتها:*
يا أُمَّ مُصعَبَ قد أَجَدتِ بِنَاهَا
سَلِمَت يَمينُكِ مِنْ أَذىً يَبْلاهَا
قَد جادَ وَصفُكِ ما طَرىَ في عالَمٍ
باتَت بِهِ الأَركانُ في شَكْواهَا
فَالعُمرُ يَمضي وَالزَمانُ تَحَوَّلَتْ
فيهِ القُلوبُ وَقُسِّمَت أَقْصَاهَا
هَذا الَّذي قَد قالَهُ خَيرُ الوَرَى
فِي آخِرِ الدُنيا نَرى مَعَناهَا
يَأتِي زَمَانٌ وَالأَمانَةُ ضُيِّعَتْ
يَبَكِ الصَغيرُ عَلى فَقيدِ أبَاهَا
أَينَ الحَياءُ وَصَونُ عِرضٍ مُحكَمٍ
كانَت نِساءُ الأَمسِ خَيرَ قُواهَا
كُنَّ البُيوتَ لَهُنَّ دارَ كَرامَةٍ
فِيهَا تُقَاهَا، وَالهُدَىَ مَغْنَاهَا
رَبَّينَ أَجْيالاً عَلى خُلُقٍ سَمَتْ
بِالدّينِ وَالإِحسانِ في تَقْوَاهَا
وَاليَومَ قَد عَرَتِ العُيونُ جَمالَها
وَتَكَسَّرتْ حُزنَاً عَلى بَلْوَاهَا
إِنَّ الجَمالَ حَقيقَةً في سِترِها
في حِصنِها في صَونِها وَحِمَاهَا
مَنْ تَتْبَعِ الرَّحمَنَ تَنْجُ بِفَضلِهِ
وَتَعيشُ في الجَنّاتِ في بُشرَاها
وَمَنِ ابتَغَت دُنيا الغَوايَةَ إِنَّها
سَتَعَضُّ يَومَ الحَشرِ مِن بَلواهَا
فَاصدُق إِلهَكَ في اتِّباعِ وَصيَّةٍ
تُجزَى بِنورِ الحَقِّ في لُقيَاهَا
خُذْ بِالكِتَابِ وَسُنَّةً مُخْتَارُهَا
أنْجَىَ العِبَادَ مِنَ اللَّظَى وَهَدَاهَا